ن رسالة البابا كيرلس الثالثة فى عيد الميلاد1962

من طرف الصخرة الإثنين مايو 20, 2013 9:35 pm

[sizeن رسالة البابا كيرلس الثالثة فى عيد الميلاد1962

والسلام في معناه طمأنينة القلب وفي مبناه من لدن الرب السلام الذي يحتاج
اليه البشر في كل جيل أفراد وأسرا وجماعات للقضاء علي الاضطراب والخوف
وعوامل القلق السلام الذي يبعث به الله إلي قلوب المؤمنين فيملؤهم هدوا
واستقرار وتسليما لمشيئته وفرحا في خدمته .. السلام في معناه سعادة لا تعرف
اليأس وعزيمة لا يتطرق اليها الخور وثبات لا ينال منه الضيق ..

والسلام في مبناه نعمة تتدفق من عند الله عارمة غامرة قوية جارفة تقتلع
الخصومة وتطيح بالحقد توجب الرحمة وتدفع إلي عمل الخير نعمة تمنح سلاما
آتيا من فوق طافرا ظافرا قائما دائما . سلاما يتطلبه التعابي ليستريحوا من
عناء أكثرهم وهم . ومن اضطراب مبعثه ضعف في الايمان ومن قلق يساور النفس
البشرية التي تلتمس العون من رب العون . هذا السلام نرجوه من الله لكي
يفيضه علي العالم الذي يفتقر اليه في وقتنا الحاضر أكثر من أي وقت آخر ..
واليوم الذي يعرف الناس فيه السلام في معناه وفي مبناه ( يطيعون سيوفهم
سككا ورماحهم مناجل فلا ترفع الأمة سيفا ولا يتعلمون الحرب فيما بعد ) ( أش
2 : 4 ) . فيعيش الناس أخوة متحابين متآزرين متعاونين متناصرين وان
اختلفوا جنسا ولونا ودينا ..

والسلام قي مرماه توثق الحب ... وفي سناه رحيق عذب .. وغاية . السلام أن
يحب الناس بعضهم وأن يعيشوا في انسجام ووفاق متبادلين المودة مقدمين بعضهم
بعضا في الكرامة مشتركين بعضهم في احتياجات البعض يساعد أغنياؤهم فقراؤهم
وكبارهم صغارهم والحكماء فيهم البسطاء منهم وهكذا يعمل أعضاء الجسد الواحد
لهدف واحد فتذوب الفوارق بين الطبقات وتكثر الخيرات وتتوفر البركات ويكون (
عندهم كل شيء مشتركا ) ( أع 2 : 44 ) .. اشتراكية روحية لها فاعليتها
العملية وكما يشتركون معا في عبادة الله وفي حفظ وصاياه يشتركون أيضا في
مقومات الحياة .. والسلام في سناه رحيق عذب ينساب رحيقه من السماء إلي شغاف
قلوبهم فإذهم مغمورون بالفرح في الضيق في كل ظرف من ظروف الحياة يتذوقونه
من كلمات النعمة المدونة في الكتاب المقدس وفي السجود لله بالروح والحق
وممارسة الأسرار المقدسة ومن ( كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل
ما هو طاهر كل ما هو مسر كل ماصيته حسن ) يتذوقونه من القدوة الطاهرة ومن
الحياة السامية الفضلى ومن الكلمات النبيلة ومن مسرة الخدمات الجليلة التي
يقدمونها للآخرين .. والسلام في مداه اختفاء شبح الحرب وفي صداه رفاهية
الشعب .. هو ذا ركب تجثو وأفواه تدعو وقلوب تخشع ونفوس ترتفع بالرجاء أن
ينعم الله علي العالم بالسلام حتى يختفي التهديد المتواصل بالحرب الباردة
التي كادت تزعزع معنويات الناس وتهدد مقومات البشر بل كادت تشل جهودهم
وتبعث اليأس إلي قلوبهم إذ انقسم العالم إلي معسكرين يتربص الواحد منهما
للأخر . ويعمل علي ايذائه والقضاء عليه ويتبارى كل فريق في التسلح إلي درجة
أضرت بالتعمير والآنتاج ولقد تحول الكثير من الجهود إلي المدمرات
والمتفجرات وأدوات الهلاك بدلا من العمل علي رفاهية البشر .. هذه الركب
الجاثية والأفواه الداعية والقلوب الخاضعة والأنفس الخاشعة تدعو الله أن
ينهي الحرب الباردة وألا يسمح لحظة واحدة بالحرب الساخنة التي يرتعب
الكثيرون من ذكر أهوالها الجسام فكم من أرواح أزهقت وأجسام وأعضاء تشوهت
ومدن وقرى تهدمت وقد توارت عقول كانت زهرة في المعرفة وحجة في العلم وقادة
في الابتكار والتجديد .. وكل هذه أقل مضرة ألف مرة من الحرب المرتقبة ..
ولذالك نهيت بأخواننا و أبنائنا في كل مكان أن يضاعفوا جهودهم فيكثروا
الصلوات والتضرعات لإله السلام أن يبعث السلام لكي يسود العالم ويخرجه من
ظلام الخصام .. والسلام في مداه رفاهية الشعب . السلام يهدف إلي جعل رفاهية
كاملة لكل فرد رفاهية توفر له الطمأنينة والهدوء والاستقرار لنفسه ولأسرته
وعندما يسود السلام ترد الحقوق المسلوبة والأراضي المغتصبة فيعود اللاجئون
إلي ديارهم هؤلاء الذين حرموا من أقواتهم وطردوا من أوطانهم وذاقوا العذاب
ألوانا وهم يشتاقون إلي اليوم الذي فيه ترد اليهم حقوقهم ويرجعون لوطنهم
..

أيها الأخوة والأبناء :

هذا عيد مجيد أتوسل إلي الله أن يرنو فيه كل مؤمن إلي ما قصده صاحب العيد
ورئيس السلام من توطيد وتوكيد ... توطيد للروحانية التي هي مبعث السلام
وتوكيد للطمأنينة التي هي غاية السلام وأن نعمل متساندين متعاضدين علي بعث
الرفاهية متفانين بجد ونشاط في العمل لإسعاد المواطنين والبشرية جمعاء ..=18][/size]