من هم الآراميون في الكتاب المقدس
صفحة 1 من اصل 1
من هم الآراميون في الكتاب المقدس
[color=#ffffff]من هم الآراميون في الكتاب المقدس
من هم الآراميون في الكتاب المقدس
عفوا صاحب الموضوع تعب في احضار الروابط هذه فيرجى منك الرد على موضوعه لترى الروابط
أرام
ومعناها " مرتفع أو متعظم " وقد وردت الكلمة كثيراً في الكتاب المقدس :
1- أحد أبناء سام بن نوح الخمسة ، وأبو عوص وحول وجاثر وماش ( تك 10 : 22 وو 23 ، انظر 1 أخ 1 : 17 ) .
2- أحد أبناء قموئيل بن ناحور أخي ابراهيم ( تك 22 : 21 ) .
3-أحد أبناء شامر الثلاثة من نسل أشير ( 1 أخ 7 : 34 ) .
4-أبو عميناداب وابن حصرون بن فارص بن يهوذا ، وهو اللفظ اليوناني لاسم " رام " العبري ( مت 1 : 3 و 4 ، لو 3 : 33 ) .
أراميون
1- الإشارات الأولي : يظهر اسم أرام ( للدلالة على بلاد معينة ) لأول مرة في القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد في كتابة مسمارية من عهد الملك الأكادي " نارام - سين " ولا تعرف ترجمتها بدقة ، ومنذ ذلك العهد يرد اسم " أرام " في ألواح مختلفة مكتوبة بالخط المسماري .
وهناك دلائل من الألف الثالثة قبل الميلاد على وجود شعب من البدو باسم " سوتو " خرج من شمالي الجزيرة العربية ، وأغار على حضارة مابين النهرين . كما يذكر اسم " سوتو " في خطابات تل العمارنة مع " أحلامو " ، كما يظهر الاسم في المصــــــــــــادر الأشورية في زمن " أريكون - إيلي " ( 1319 - 1308 ق.م ) . كما يذكر " الأحلامو " في بعض خطابات تل العمارنة الموجهة إلى ملك بابل ، كما يتأكد وجودهم في ذلك العصـــــــر في " نيبور " وفي " دلمون " أيضاً . وقد هزم شلمناصر الأول ( 1274 - 1245 ق.م. ) الحوريــــــين وحلفاءهم " الأحلامو والحثيين " . ويقول " توكولتي - نينورتو " الأول ( 1244 - 1208 ق.م . ) انه فتح ماري وحانا ورابيكو على نهر الفرات وجبال أحلامو . ويبدو أن ثمة علاقة بين أرامو وكلدو وأحلامو ، ولكننا لانستطيع تحديدها . وقد جاء ذكر " الأحلامو " " والأراميين " في كتابة من عهد تغلث فلاسر الأول ( 1115 - 1077 ق.م ) يسجل فيها مواجهته " للأراميين والأحلامو " القادمين من الصحراء . وقد بدا الأراميون عند ظهورهم لأول مرة ، شعبا من البدو مثل سائر الساميين .
وفي قائمة الأمم المذكورة في الأصحاح العاشر من سفر التكوين ، يذكر أرام بين أبناء سام وأنه أبو عوص وحول وجاثر وماش . ويطلق الكتاب المقدس على الجزء الشمالي الغربي من بين النهرين ، اسم " أرام النهرين " ( تك 24 : 10 ) " وفدان أرام " ( تك 25 : 20 ، 28 : 5 ) . ويجمع العهد القديم بين الآباء والأراميين ( تك 24 : 3 - 10 ، 25 : 20 ، 27 : 43 ، 28 : 2 - 5 ، تث 26 : 5 ) . كما أن الإشارات إلى مدن مثل حاران وناحور ( تك 24 : 10 ) تربط الآباء بوادي البلح في الشمال الغربي من بلاد بين النهرين .
2- الولايات الأرمينية : لم تقم في بلاد أرام مطلقاً امبراطورية عظيمة ، بل كانت تتكون من عدة ولايات صغيرة مستقلة في سوريا وشمالي فلسطين . وقد ذكرت بعض تلك الولايات في العهد القديم ( 2 صم 10 : 6 - 8 ) وكانت أعظمها ولاية دمشق التي ضمت في بعض الأوقات معظم سوريا فيما عدا الساحل الفينيقي ، وقد هزمها الملك داود ، ولكنها استعادت استقلالها قبل نهاية ملك سليمان ، وأصبحت مملكة قوية منافسة لإسرائيل ، وتذكر عادة في العهد القديم باسم " أرام " فقط .
وفي أوائل القرن الثاني عشر قبل الميلاد ، نجد اسم الأراميين مع غيرهم من القبائل السامية الغربية التي استوطنت في غربي آشور بين الشاطئ الغربي لنهر الفرات وبالميرا في الصحراء السورية ، وواضح أنهم قد شيدوا عدداً من الحصون مما يدل على أنهم كانوا قد أقاموا في تلك المناطق منذ بعض الوقت . وفي أثناء القرن الثاني عشر قبل الميلاد تعرض الشرق الأوسط لتقلبات في القوى السائدة ، مما أدى إلى تمزق الامبراطورية الحثية إلى ممالك صغيرة ، كما ضعفت قوة مصر وذوى نفوذها في سوريا وكنعان ، وتفككت مملكة الميتاني شيئاً فشيئاً ، مما هيأ للأراميين الفرصة ، فتدفقوا على مناطق حدود ممالك ما بين النهرين ، وتحركوا غرباً ليستقروا في كل سوريا شمالاً وجنوباً ، وبخاصة حول تدمر ( بالميرا ) ودمشق . وقد جرد تغلث فلاسر الأول ( 1115 - 1077 ق.م. ) جملة حملات عسكرية ضدهم ولكنه لم يستطع منعهم من الاستيلاء على مساحات كبيرة من أملاكه .
وما بزغت شمس القرن الحادي عشر حتى كان الأراميون قد نجحوا في تأسيس ولايات ملكية صغيرة ، وقد خلفوا من القرن العاشر أول نصوص أرامية ، وقد بلغ الأراميون ذروة قوتهم السياسية في القرنين الحادي عشر والعاشر قبل الميلاد نتيجة لأفول نجم الأمبراطورية الأشورية في ذلك الوقت ، فقد ارتقي " هدد - أبال - أدينا " ( 1067 - 1046 ق.م. ) عرش بابل بدعوة من الأشوريين ، ربما لتحويل الزحف الأرامي إلى جنوب العراق . وفي الجانب الآخر للتوسع الأرامي إلى الغرب ، قامت في ذلك الوقت دويلة السماليين القوية في كيليكية ، كما قامت دويلة أخرى حول أرفاد وحلب ، كما قامت دولة أخرى في حماة ، ودويلات أخرى في الجنوب على تخوم إسرائيل . ونحن مدينون للعهد القديم بتقديم معلومات هامة لنا عن اثنتين من تلك الدويلات ( صوبة ودمشق ) وقد هزمهما داود الملك ، ولكنهما استعادتا استقلالهما عند انقسام المملكة في عهد رحبعام .
ورغم قوة توسع الأراميين ، فإنهم لم يستطيعوا مطلقاً تنظيم فتوحاتهم ، بل لم يستطيعوا تنظيم دويلاتهم ذاتها ، فلم يكونوا مطلقاً وحدة سياسية فعالة ، بل تفرقوا إلى ممالك محلية صغيرة ، وساعد على ذلك امتزاجهم بعناصر كثيرة غير متجانسة ، فكان ذلك عاملاً حاسماً في ضعفهم .
لقد حارب شاول وداود وسليمان الممالك الأرامية المتاخمة لإسرائيل من الشمال : أرام صوبة ( عنوان مزمور 60 ) ، بيت رحوب ( 2 صم 10 : 6 ) ، وأرام النهــــــرين ( عنوان مزمور 60 ) ، وجشور ( 1 أخ 2 : 23 ) ولكن كانت دمشق أشهرها .
3- أرام وإسرائيل وأشور : بعد أفول نجم مملكة سليمان ، استمر العداء بين إسرائيل والسوريين ( الأراميين ) نحو 150 سنة ، واستطاعت أرام دمشق أن تستغل الانقسام بين إسرائيل ويهوذا ، وقد استعاد بنهدد الثاني قوة أرام إذ استطاع أن يوحد كل الممالك الصغيرة في مملكة واحدة هي أرام دمشق ، وجرد حملتين ضد إسرائيل ولكنه لم ينجح فيهما ، وأخيراً عقد صلحاً مع أخآب الذي انضم إلى حلف من اثنتي عشرة مملكة ضد أشور ، وكان التهديد القوى من جانب أشور عاملاً في تماسك ذلك التحالف ، فعندما بدا أن هذا التهديد قد خف ، انفرط عقد التحالف الأرامي الإسرائيلي ، وهاجم بنهدد الثاني جيوش إسرائيل ويهوذا وهزمهما في راموت جلعاد ( 852 ق.م - 1 مل 22 : 1 - 35 ) .
وحاولت أشور أن تطرد الغزاة من بلاد بين النهرين ، وفي النصف الأول من القرن التاسع قبل الميلاد ، جرد ملوك أشور حملات ضد حصون الأراميين فيما بين النهرين . وقد وجه شلمناصر نظره إلى سوريا ، وبعد سلسلة من الغزوات أوقع هزيمة ساحقة بقوات الولايات الأرامية المتحالفة مع ملك إسرائيل ، ولكن يبدو أن تلك الولايات لم تفقد استقلالها لبضع عشرات من السنين .
وجرد هدد نيراري الثالث ملك أشور ( 810 - 783 ق.م ) حملات جديدة ضد أرام ، وفي سنة 802 ق.م. حاصر مدينة دمشق واضطر الملك والإسرائيليون لدفع الجزية للأشوريين ، وفي نفس الوقت اضطر الأشوريون لتوجيه التفاتهم إلى أحداث قريبة منهم بعد أن كسرت شوكة أرام وأفل نجمها ، فوقعت دمشق ذاتها فريسة سهلة في يـــد يربعام الثاني ( 786 - 746 ق.م ) ملك إسرائيل ، ولكنها استردت استقلالها في عهد الملك رصين ( حوالي 740 - 732 ق.م ) ولكنه لم يستطع استعادة مجدها القديم .
وفي القرن الثامن قبل الميلاد ، بدأت أشور بالهجوم ، فقد كشفت الكتابات التي وجدت في " سوجين " أن أرفاد التي كانت تعادي أشور ، قد سقطت في سنة 743 ق . م في يد تغلث فلاسر الثالث ( 744 - 727 ق.م ) ، ثم جاء دور السماليين في كيليكية ، فقد اغتصب عرشها شخص اسمه " أزرياو " وأراد تكوين حلف ضد أشور ، ولكنه انهزم وقتل في سنة 738 ق.م ، وعاد العرش إلى الملك الشرعي " باناموا الثاني " الذي سجل ابنه " بار - ركوب " هذه الأحداث . وفي سنة 732 ق.م أصبحت دمشق ولاية خاضعة لأشور ، وعندما حاولت التمرد هزمها سرجون الثاني ( 721 - 705 ق.م ) هزيمة نكراء .
ظلت مملكتا إسرائيل وأرام على أقوى الصلات في الخير والشر ، ولكن قوة أشور التي ظلت أكثر من نصف قرن مصدر خطر عل استقلال سوريا ، استطاعت أخيراً أن تقضي على المملكتين ، وفي ذلك الوقت كان الأراميون قد أحرزوا نصراً كبيراً في مجال الثقافة ، فقد أصبحت اللغة الأرامية واسعة الانتشار في كل بلاد الهلال الخصيب ، كما استخدم بعض ملوك أشور كتبة من الأراميين . وفي أثناء حصار سنحاريب لأورشليم ( حوالي 701 ق.م ) كانت اللغة الأرامية هي وسيلة التفاهم . وقد وجدت كتابات أرامية كثيرة من ذلك العهد في كثير من الأماكن .
وقد وجدت وثائق أرامية كثيرة في جزيرة فيلة في مصر ، حيث ازدهرت احدى المستعمرات اليهودية في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد ، ومنذ بداية القرن الرابع استخدم بعض العرب اللغة الأرامية ، ومنها اشتقت النبطية التي استخدمت في " بترا " ، وظلت الأرامية منتشرة وواسعة الاستعمال في كل بلاد الشرق الأوسط في العصور الرومانية .
4- اهميتهم : كان الأراميون أصلاً - سواء كتجار أو فلاحين أو رعاة أو جنود أو عصابات - جماعات من البدو ، ولم يضيفوا شيئاً ذا قيمة لحضارة الشرق الأوسط فيما عدا لغتهم . ويبدو من نقوشهم وكتاباتهم أنهم عبدوا الآلهة السومرية الأكادية وكذلك الآلهة الكنعانية مثل هدد إيل وسين وعناة … الخ وواضح أنه كان يعوزهم روح الابتكار في مجال الفنون ، فاكتفوا بتقليد البلاد التي استقروا فيها ، وقد استخدم ملوك أرام النحاتين ونقاشي العاج الفينيقيين . وقد كشفت الحفريات الأثرية في " تل حلف عوزانا " عن قصر حاكم أرامي يحتمل أنه عاش في بداية القرن التاسع قبل الميلاد ، وكان القصر مزدانا بنقوش أقل في قيمتها الفنية من التماثيل المعاصرة لها في سوريا الشمالية ، وبتماثيل كئيبة المنظر ، يظهر بالفحص أنها متأثرة بخليط من فنون ما بين النهرين والحثيين والحوريين ، كما ينتظر في مثل تلك المنطقة التي امتزجت فيها ثلاث ثقافات . وكان بالقصر بهو للأعمدة ، وكان يحرس المدخل تمثالان لأسدين ضخمين ، وعدة تماثيل لأبي الهول . كما وجد في "تل حلف " مجموعة من الصور البارزة . لقد كان الفن الأرامي - قبل العصر الهيليني - فنا ساذجاً ، ومع أنه كان له بعض المميزات الخاصة ، إلا أنه يمكن أن يقال بوجه عام ، أنه كان تقليداً لفنون أسيا الصغرى وما بين النهرين ، ويمكن تمييز الفن الأرامي برسمه الوجه البشري حليق اللحية دون الشارب .
وأهم ماقدمه الأراميون للشرق الأوسط ، هو اللغة الأرامية التي مازال لها أثرها حتى الوقت الحاضر .
وللأراميين أهمية عظيمة فيما يتعلق بالكتاب المقدس وبخاصة بصلة الآباء بأرام ، فقد ذكر عن ابراهيم إنه كان " أراميا تائهاً " ( تث 26 : 5 ) لأنه خرج من حاران إلى كنعان ، كما كانت لمملكة إسرائيل في الشمال صلات قوية مع أرام دمشق .
الأرامية - اللغة :
اللغة الأرامية أو السريانية هي احدى اللغات السامية ، وهي أقرب ماتكون للعبرية والفينيقية ، ولكنها تنفرد ببعض الخواص ، كما أنها مازالت حية في لهجات مختلفة . ولعل موطن اللغة الأرامية الأصل كان بلاد ما بين النهرين ( أرام ) ولكنها انتشرت شمالاً وغرباً ، وأصبحت اللغة الرئيسية في أقطار كثيرة واسعة . وبعد الرجوع من السبي ، حلت الأرامية محل اللغة العبرية كلغة لليهود في فلسطين ، وتعرف الأرامية في شكلها الشرقي بالسريانية ، وما جاء بها في العهد القديم كان يسمى خطأ بالكلدانية . وسنتناول هنا علاقة الأرامية بالعهد القديم .
1- العبارات الأرامية الأولي في الكتاب المقدس : إذا تجاوزنا عن الكلمتين الواردتين في ( تك 31 : 47 ) ، نجد أن أول إشارة إلى اللغة الأرامية في الكتاب المقدس هي طلب نواب حزقيـــا من ربشاقي قائلين : " كلم عبيدك بالأرامي " ( 2 مل 18 : 26 ، إش 36 : 11 ) . وتؤكد القصة التي اقتبسنا منها هذا القول - حتى وإن كانت حدثاً فريداً - أن اللغة الأرامية أوالسريانية كانت مختلفة تماماً عن " اللغة اليهودية " حتى إنها لم تكن مفهومة عند سكان أورشليم ، كما يتضح أيضاً أنها كانت اللغــــــــــــــــــــة المستخدمـــة في " الدبلوماسية " الأشورية . ونتقابل مرة أخرى مع اللغة الأرامية في سفر إرميا ( 10 : 11 ) وهو عدد واحد فريد ، يبدو أنه كان جواباً وضع على لسان اليهود للرد على أي محاولة لإغرائهم بعبادة الأصنام . وإذا أخذنا بالتاريخ التقليدي لسفر دانيال ، فإن الأصحاحات الستة التي تكون الجزء الأكبر من السفر ( دانيال 2 : 4 - 7 : 28 ) هي أهم ماورد بعد ذلك بالأرامية في الكتاب المقدس . كما توجد أجزاء أخرى بالأراميـــــــــــــــــة في عزرا ( 4 : 8 - 6 : 18 ، 7 : 12 - 26 ) وهي نحو ثلاثة أصحاحات تقريباً . كما نجد في العهد الجديد بعض الكلمات والعبارات الأرامية بعد تحويرها إلى اليونانية .
2- كتابات أخرى من الأرامية : كانت معرفتنا باللغة الأرامية ، من قبل الترجوم والبشيطة ، قاصرة على ما ذكرناه سابقاً من الكتاب المقدس ، أما الآن فإن الاكتشافات الحديثة جعلتنا في موقف مختلف ، ففي السنوات الأخيرة من القرن الماضي ، تم اكتشاف مخطوطات عديدة في " سنجيرلي " ( Sinjirli ) بالقرب من حلب ، يرجع تاريخها إلى حكم تغلث فلاسر والملوك السرجونيين ، بل يبدو أن إحدى المخطوطات ترجع إلى ماقبل ذلك . ثم اكتشفت برديات أسوان التي يرجع تاريخها إلى زمن معاصر لعزرا ونحميا . وأسبق من هذه الكتابات من ناحية تاريخ اكتشافها ، ولكنها تتوسطها من ناحية زمن كتابتها ، موازين رسمية من أيام سرجون ، عليها عبارتان بالخط المسمارى ، احداهما لاتذكر الوزن فحسب ، بل تعطينا اسم الملك وألقابه ، أما الأخرى ، وهي شعبية ومكتوبة بالأرامية ، فتذكر الوزن فقط . والحقيقة " المثيرة للدهشة " هي أنه من جهة الوثائق والعقود ، فبينما نجد أغلفتها في الخارج - في أغلب الأحيان - مكتوبة بالآرامية على الطين ، إلا أن الوثائق نفسها مكتوبة بالأشورية بالخط المسمارى ، وفي ذلك الدليل القاطع على أنه في الأحداث التي جرت قبل حكم تغلث فلاسر ، كانت اللغة الأرامية هي اللغة المستخدمة في التجارة والسياسة في جنوبي غربي أسيا .
3- طريقة كتابة الأرامية : بدراسة الأرامية ، نجدها لغة كاملة الشكل في أبجديتها ، وقد وصلت إلى مرحلة أكثر تقدماً في تطورها عن الأشورية بطريقة كتابتها المسمارية البطيئـــة ، فحتى النهاية ظلت الأشورية تستخدم الرموز والصور ( كالهيروغليفية ) في التعبير عن الكلمات . ونفس مجموعة الرموز كانت تمثل أصواتاً مختلفة تماماً حسب الظروف المختلفة ، كما أن نفس الأصوات تعطي معاني مختلفة حسب مقتضى الحال . أما الأبجدية الأرامية فقد وجدت منقوشة على حجر موآب .
وتقف الأرامية - ولاشك - في نهاية شوط طويل من التطورات ، ولعل الكتابــــــة التصويرية ( الهيروغليفية ) كانت من ورائها ، سواء نقلاً عن الحثيين حسب رأي كوندر ( Conder ) أو عن مصر حسب رأي روجية ( Rouge ) أو من أشور حسب رأي ديلتزج ( Delitzsch ) أو عن أصل خاص بها حسب رأي جزنيوس . فلا يمكن القطع في هذا .
والأرامية لغة سامية شمالية كالعبرية والأشورية ، فهي تحتل مركزاً بارزاً بينهما ، فهي أكثر انتظاماً منهما في شكلها وتركيبها ، ولعل هذا يرجع إلى استخدامها كلغة دولية على نطاق واسع ، فقد كانت هي اللغة الرسمية في الامبراطورية الفارسية المترامية الأطراف ، كما كانت - إلى حد ما - لغة الامبراطورية الأشورية قبل ذلك . ويمكن اعتبار أنها كانت لغة مفهومة فيما بين أسيا الصغرى شمالاً إلى شلالات النيل جنوباً ، ومن جبال ميديا شرقاً إلى البحر المتوسط غرباً ، فتاريخها طويل ، وقد تحدث بها الكثيرون ، كما هو واضح من المخطوطات من قبل زمن تغلث فلاسر ، ومازال سكان ضفاف الفرات والدجلة يتكلمون بها إلى اليوم .
4- اللهجات الأرامية : ومما لاشك فيه أن ترامي رقعة البلاد التي انتشرت فيها الأرامية ، على مدى قرون طويلة ، أدى إلى وجود لهجات مختلفة . ولأن وسائل الأتصال كانت قليلة وغير مجدية لاتساع البلاد شرقاً وغرباً ، فبمقارنتها بما هي عليه الآن ، كانت تستغرق وقتاً أطول مما يستغرقه السفر بين أمريكا وأوربا ، أو بين نيويورك والبرازيل ، وكان الفارق الأول بين اللهجات هو ما بين الأرامية الشرقية ( السريانية ) والأرامية الغربيـــــــــــــــــــــــــة ( الكلدانية ) . وأهم الاختلافات كان في صيغة الماضي الناقص . وكان يتفرع من كل لهجة ، لهجات فرعية ، ففي الأرامية الشرقية كانت هناك " المندعية " التي كانت تستخدم القياس الصوتي عوضاً عن الحروف المتحركة , ويبدو من المخطوطات البردية وغيرها من النقوش ، أن العلامات المميزة للأرامية الشرقية ، هي تغييرات حديثة دخلت إليها بمرور الزمن ، ففيها نجد الخط بالحروف المتصلة أو المترابطة أكثر مما في الأرامية الغربية التي احتفظت بالشكل المربع للحروف كالعبرية ، ما عدا اللهجة السامرية التي كانت تستخدم طريقة قديمة في الخط أكثر احتفاظاً بالحروف ذات الزوايا الموجودة في النقوش القديمة . وبرديات أسوان تدل علي وجود اتجاه نحو كتابة الحروف بالطريقة المربعة التي شاعت فيما بعد .
5- الخواص النحوية للأرامية : ومع أن المجال هنا لا يتسع للكلام بالتفصيل عن قواعد اللغة الأرامية ، إلا أنه لامانع من ذكر بعض القواعد الفريدة الهامة التي تشترك فيها كل فروع اللغة والتي تميز الأرامية عن العبرية وأغلب اللغات السامية المعروفة لنا . فأول ما يشد انتباه الدارس هو استعمال ضمير الإشارة " ذي " ( Zi ) أو " دي " ( di ) كما لو كان حرف جر يفيد " الإضافة " ، وغير ذلك من الاختلافات . وأحد الخواص المميزة للغة الأرامية في عصورها المتأخرة - كما في الترجمة البسيطة للعهد الجديد - هي المرونة التي قبلت بها وتبنت لكمات وعبارات من اللغة اليونانية التي حلت محلها إلى أمد بعيد ، كما أن السريانية الجديدة تبدي نفس المرونة بالنسبة للغتين العربيــة والفارسية .
6- مقارنة بين أرامية " سنجيرلي " وأرامية الكتاب : من أهم القضايا أمام دارسي الكتاب المقدس ، قضية العلاقة بين اللغة الأرامية التي استخدمها دانيال وعزرا ومخطوطات سنجيرلي وبرديات أسوان التي تكاد تكون معاصرة لها . ولكي تصبح المقارنة ممكنة ، لا بد أن ندرك أن عبرية العهد القديم هي محصلة نسخ هذه الأسفار على مدى يتراوح بين ألف وخمسمائة وألف ومائتين من الأعوام ، وهذا يعني وجود عشرات من النسخ تختلف كل منها بعض الشيئ عن الأصل الذي نقلت عنه ، ورغم أن التغييرات التي حدثت في كل مرة ، قد تكون قليلة ولا أهمية لها ، إلا أنها بتجمعها على توالي العصور ، قد تصبح ذات أهمية بالغة ، فعبرية سفر الجامعة المنسوب إلى سليمان الحكيم ، تبين بوضوح أن فكرة تأريخ الأسلوب ، لم تكن واردة على الاطلاق في أذهان كتبة تلك الأيام ، لاكتشاف تلك النزعة للتحديث ، ولهذا فإن وجود السمات اللغوية المتأخرة ، لا يعتبر إلا دليلاً على عدم توفيق النساخ ، أما الأنماط القديمة في القواعد اللغوية وأساليب الهجاء ، فهي دليل لا جدال فيه على التاريخ القديم لها .
وتنقسم النقوش السنجيرلية إلى ثلاثة أقسام - مع غض النظر على ما لاأهمية له منها - وهي : نقوش " بنامو " ( Panammu ) ونقوش " هدد " ( Hadad ) و نقوش " باركاب " ( Barrekab ) ويرجع أولها وثالثها الى عصر رتغلث فلاسر . أما ثانيها فيرجع به " ساكو " إلى القرن السابق لذلك . ويجب هنا أن نذكر أنه عندما اكتشفت هذه النقوش لأول مرة ، ثار حولها الجدل فيما إذا كانت تنتمي إلى العبرية أكثر منها إلى الأرامية ، فالتشابه الشديد بينها وبين العبرية - في كثير من الوجوه - تشابه وثيق … وهكذا نجد أن النقوش السنجيرلية ترجع إلى تلك الحقبة التي لم تكن فيها العبرية والأرامية قد تميزتا كلغتين منفصلتين . وهناك وجوه أخرى من وجوه التشابه ، فالكلمات تكاد تكون متماثلة ، كما تتشابه الضمائر أيضاً مع العبرية وأرامية الكتاب المقدس ، ومن الاختلافات الملحوظة في الأرامية المتأخرة ، استخدام الذال عوضاً عن الدال في ضمير الإشارة .
7- مقارنة بين أرامية أسوان وأرامية دانيال : ترجع أرامية برديات أسوان إلى وقت معاصر تقريباً لأرامية سفر دانيال . ويرجع تاريخ هذه البرديات - على وجه اليقين - إلى الفترة من 471 - 411 ق.م. ويضم هذان التاريخان فيما بينهما ، كل فترة حكم الملك أرتحشستا الأول - وهو الملك الذي كان نحميا ساقياً له ، وقد عينه والياً على أورشليم - كما تضم أيضاً بضع سنوات من حكم من سبقه ومن خلفه على عرش فارس . ولأن هذه الوثائق قد كتبت بقلم من الغاب على أوراق البردي ، ولم تنحت بالإزميل على الحجر ، نجدها تصور نوعاً مختلفاً تماماً من الحروف ، وتقترب - كما سبق القول - من الشكل المربع الذي شاع في مرحلة تالية . والتشابه في القواعد والحروف بين هذه البرديات وبين الأراميه الكتابية أوضح مما بين الأرامية الكتابية ونقوش سنجيرلي ، فبينما نجد في الأرامية القديمة " الذال " في اسم الإشارة ، نجد في هذه البرديات - في الغالب - حرف " الدال " وهو نوع من التحريف في نطق الحروف .
وقد ترجع هذه الاختلافات إلى كثرة نقلها من مخطوطة إلى أخرى ومحاولة الهجاء حسب النطق . وليس هنا مجال البحث في كل وجوه الشبه أو وجوه الاختلاف .
8- برديات جزيرة فيلة : ثمة علاقة أخرى هامة بين أرامية تلك الفترة وأرامية سفر دانيال ، تظهر في برديات جزيرة فيلة . وقد اكتشفت هذه البرديات في جزيرة فيلة أمام أسوان في 1907 م ، وهي ثلاث برديات يرجع تاريخها إلى السنة الرابعة عشرة من حكم داريوس الثاني ( 407 ق.م ) . وفي هذه البرديات نجد أن الله يسمى " إله السماء " وهو نفس اللقب المستخدم في سفر دانيال ، كما أنه نفس اللقب في الأرامية في سفر عزرا ( 5 : 11 و 12 ، 6 : 9 ) . ويبدو من ذلك أنه في أيام حكم البابليين والفرس كان هذا اللقب هو اللقب الذي يعرف به إله العبرانيين للدلالة على سيادته الشاملة .
9- مقارنتها بأرامية الترجوم أو ترجمات العهد القديم للأرامية : كثيراً ما يقولون إن أرامية دانيال وعزرا هي نفسها أرامية الترجوم ( الترجمات ) ، ولكن هذا القول يحتاج إلى بحث ، إذ لا بد أن نأخذ في الاعتبار تاريخ إعادة صياغة النصوص ، حتى يمكننا تقييم هذا التشابه تقييماً صحيحاً ، إن كان ثمة تشابه . وبناء على التقليد التلمودي ، كان الترجوم ( أي ترجمة العهد القديم ) تتم شفاها ولم تسجل إلا في القرن الثانـــي الميلادي ، وكانت الترجمة تنتقل من مترجم إلى آخر ، وبهذه الطريقة ثم الاحتفاظ بصيغ وكلمات ومصطلحات قديمة ، حيث أن الاتجاه العام - في الأمور المقدسة - هو الاحتفاظ بالقديم ، كما نرى ذلك في كثير من طقوس الكنائس التقليدية ، إذ أنها تحتفظ بكثير من الألفاظ والعبارات التي عفا عليها الزمن ، ولهذا فأرامية الترجوم قد تقدم لنا شكلاً من أشكال اللغة تعود إلى قرون قبل الميلاد ، وليس هنا المجال لإعطاء ملخص واف للاختلافات الرئيسية بين أرمية الكتاب وأرامية الترجوم .[/color]
من هم الآراميون في الكتاب المقدس
عفوا صاحب الموضوع تعب في احضار الروابط هذه فيرجى منك الرد على موضوعه لترى الروابط
أرام
ومعناها " مرتفع أو متعظم " وقد وردت الكلمة كثيراً في الكتاب المقدس :
1- أحد أبناء سام بن نوح الخمسة ، وأبو عوص وحول وجاثر وماش ( تك 10 : 22 وو 23 ، انظر 1 أخ 1 : 17 ) .
2- أحد أبناء قموئيل بن ناحور أخي ابراهيم ( تك 22 : 21 ) .
3-أحد أبناء شامر الثلاثة من نسل أشير ( 1 أخ 7 : 34 ) .
4-أبو عميناداب وابن حصرون بن فارص بن يهوذا ، وهو اللفظ اليوناني لاسم " رام " العبري ( مت 1 : 3 و 4 ، لو 3 : 33 ) .
أراميون
1- الإشارات الأولي : يظهر اسم أرام ( للدلالة على بلاد معينة ) لأول مرة في القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد في كتابة مسمارية من عهد الملك الأكادي " نارام - سين " ولا تعرف ترجمتها بدقة ، ومنذ ذلك العهد يرد اسم " أرام " في ألواح مختلفة مكتوبة بالخط المسماري .
وهناك دلائل من الألف الثالثة قبل الميلاد على وجود شعب من البدو باسم " سوتو " خرج من شمالي الجزيرة العربية ، وأغار على حضارة مابين النهرين . كما يذكر اسم " سوتو " في خطابات تل العمارنة مع " أحلامو " ، كما يظهر الاسم في المصــــــــــــادر الأشورية في زمن " أريكون - إيلي " ( 1319 - 1308 ق.م ) . كما يذكر " الأحلامو " في بعض خطابات تل العمارنة الموجهة إلى ملك بابل ، كما يتأكد وجودهم في ذلك العصـــــــر في " نيبور " وفي " دلمون " أيضاً . وقد هزم شلمناصر الأول ( 1274 - 1245 ق.م. ) الحوريــــــين وحلفاءهم " الأحلامو والحثيين " . ويقول " توكولتي - نينورتو " الأول ( 1244 - 1208 ق.م . ) انه فتح ماري وحانا ورابيكو على نهر الفرات وجبال أحلامو . ويبدو أن ثمة علاقة بين أرامو وكلدو وأحلامو ، ولكننا لانستطيع تحديدها . وقد جاء ذكر " الأحلامو " " والأراميين " في كتابة من عهد تغلث فلاسر الأول ( 1115 - 1077 ق.م ) يسجل فيها مواجهته " للأراميين والأحلامو " القادمين من الصحراء . وقد بدا الأراميون عند ظهورهم لأول مرة ، شعبا من البدو مثل سائر الساميين .
وفي قائمة الأمم المذكورة في الأصحاح العاشر من سفر التكوين ، يذكر أرام بين أبناء سام وأنه أبو عوص وحول وجاثر وماش . ويطلق الكتاب المقدس على الجزء الشمالي الغربي من بين النهرين ، اسم " أرام النهرين " ( تك 24 : 10 ) " وفدان أرام " ( تك 25 : 20 ، 28 : 5 ) . ويجمع العهد القديم بين الآباء والأراميين ( تك 24 : 3 - 10 ، 25 : 20 ، 27 : 43 ، 28 : 2 - 5 ، تث 26 : 5 ) . كما أن الإشارات إلى مدن مثل حاران وناحور ( تك 24 : 10 ) تربط الآباء بوادي البلح في الشمال الغربي من بلاد بين النهرين .
2- الولايات الأرمينية : لم تقم في بلاد أرام مطلقاً امبراطورية عظيمة ، بل كانت تتكون من عدة ولايات صغيرة مستقلة في سوريا وشمالي فلسطين . وقد ذكرت بعض تلك الولايات في العهد القديم ( 2 صم 10 : 6 - 8 ) وكانت أعظمها ولاية دمشق التي ضمت في بعض الأوقات معظم سوريا فيما عدا الساحل الفينيقي ، وقد هزمها الملك داود ، ولكنها استعادت استقلالها قبل نهاية ملك سليمان ، وأصبحت مملكة قوية منافسة لإسرائيل ، وتذكر عادة في العهد القديم باسم " أرام " فقط .
وفي أوائل القرن الثاني عشر قبل الميلاد ، نجد اسم الأراميين مع غيرهم من القبائل السامية الغربية التي استوطنت في غربي آشور بين الشاطئ الغربي لنهر الفرات وبالميرا في الصحراء السورية ، وواضح أنهم قد شيدوا عدداً من الحصون مما يدل على أنهم كانوا قد أقاموا في تلك المناطق منذ بعض الوقت . وفي أثناء القرن الثاني عشر قبل الميلاد تعرض الشرق الأوسط لتقلبات في القوى السائدة ، مما أدى إلى تمزق الامبراطورية الحثية إلى ممالك صغيرة ، كما ضعفت قوة مصر وذوى نفوذها في سوريا وكنعان ، وتفككت مملكة الميتاني شيئاً فشيئاً ، مما هيأ للأراميين الفرصة ، فتدفقوا على مناطق حدود ممالك ما بين النهرين ، وتحركوا غرباً ليستقروا في كل سوريا شمالاً وجنوباً ، وبخاصة حول تدمر ( بالميرا ) ودمشق . وقد جرد تغلث فلاسر الأول ( 1115 - 1077 ق.م. ) جملة حملات عسكرية ضدهم ولكنه لم يستطع منعهم من الاستيلاء على مساحات كبيرة من أملاكه .
وما بزغت شمس القرن الحادي عشر حتى كان الأراميون قد نجحوا في تأسيس ولايات ملكية صغيرة ، وقد خلفوا من القرن العاشر أول نصوص أرامية ، وقد بلغ الأراميون ذروة قوتهم السياسية في القرنين الحادي عشر والعاشر قبل الميلاد نتيجة لأفول نجم الأمبراطورية الأشورية في ذلك الوقت ، فقد ارتقي " هدد - أبال - أدينا " ( 1067 - 1046 ق.م. ) عرش بابل بدعوة من الأشوريين ، ربما لتحويل الزحف الأرامي إلى جنوب العراق . وفي الجانب الآخر للتوسع الأرامي إلى الغرب ، قامت في ذلك الوقت دويلة السماليين القوية في كيليكية ، كما قامت دويلة أخرى حول أرفاد وحلب ، كما قامت دولة أخرى في حماة ، ودويلات أخرى في الجنوب على تخوم إسرائيل . ونحن مدينون للعهد القديم بتقديم معلومات هامة لنا عن اثنتين من تلك الدويلات ( صوبة ودمشق ) وقد هزمهما داود الملك ، ولكنهما استعادتا استقلالهما عند انقسام المملكة في عهد رحبعام .
ورغم قوة توسع الأراميين ، فإنهم لم يستطيعوا مطلقاً تنظيم فتوحاتهم ، بل لم يستطيعوا تنظيم دويلاتهم ذاتها ، فلم يكونوا مطلقاً وحدة سياسية فعالة ، بل تفرقوا إلى ممالك محلية صغيرة ، وساعد على ذلك امتزاجهم بعناصر كثيرة غير متجانسة ، فكان ذلك عاملاً حاسماً في ضعفهم .
لقد حارب شاول وداود وسليمان الممالك الأرامية المتاخمة لإسرائيل من الشمال : أرام صوبة ( عنوان مزمور 60 ) ، بيت رحوب ( 2 صم 10 : 6 ) ، وأرام النهــــــرين ( عنوان مزمور 60 ) ، وجشور ( 1 أخ 2 : 23 ) ولكن كانت دمشق أشهرها .
3- أرام وإسرائيل وأشور : بعد أفول نجم مملكة سليمان ، استمر العداء بين إسرائيل والسوريين ( الأراميين ) نحو 150 سنة ، واستطاعت أرام دمشق أن تستغل الانقسام بين إسرائيل ويهوذا ، وقد استعاد بنهدد الثاني قوة أرام إذ استطاع أن يوحد كل الممالك الصغيرة في مملكة واحدة هي أرام دمشق ، وجرد حملتين ضد إسرائيل ولكنه لم ينجح فيهما ، وأخيراً عقد صلحاً مع أخآب الذي انضم إلى حلف من اثنتي عشرة مملكة ضد أشور ، وكان التهديد القوى من جانب أشور عاملاً في تماسك ذلك التحالف ، فعندما بدا أن هذا التهديد قد خف ، انفرط عقد التحالف الأرامي الإسرائيلي ، وهاجم بنهدد الثاني جيوش إسرائيل ويهوذا وهزمهما في راموت جلعاد ( 852 ق.م - 1 مل 22 : 1 - 35 ) .
وحاولت أشور أن تطرد الغزاة من بلاد بين النهرين ، وفي النصف الأول من القرن التاسع قبل الميلاد ، جرد ملوك أشور حملات ضد حصون الأراميين فيما بين النهرين . وقد وجه شلمناصر نظره إلى سوريا ، وبعد سلسلة من الغزوات أوقع هزيمة ساحقة بقوات الولايات الأرامية المتحالفة مع ملك إسرائيل ، ولكن يبدو أن تلك الولايات لم تفقد استقلالها لبضع عشرات من السنين .
وجرد هدد نيراري الثالث ملك أشور ( 810 - 783 ق.م ) حملات جديدة ضد أرام ، وفي سنة 802 ق.م. حاصر مدينة دمشق واضطر الملك والإسرائيليون لدفع الجزية للأشوريين ، وفي نفس الوقت اضطر الأشوريون لتوجيه التفاتهم إلى أحداث قريبة منهم بعد أن كسرت شوكة أرام وأفل نجمها ، فوقعت دمشق ذاتها فريسة سهلة في يـــد يربعام الثاني ( 786 - 746 ق.م ) ملك إسرائيل ، ولكنها استردت استقلالها في عهد الملك رصين ( حوالي 740 - 732 ق.م ) ولكنه لم يستطع استعادة مجدها القديم .
وفي القرن الثامن قبل الميلاد ، بدأت أشور بالهجوم ، فقد كشفت الكتابات التي وجدت في " سوجين " أن أرفاد التي كانت تعادي أشور ، قد سقطت في سنة 743 ق . م في يد تغلث فلاسر الثالث ( 744 - 727 ق.م ) ، ثم جاء دور السماليين في كيليكية ، فقد اغتصب عرشها شخص اسمه " أزرياو " وأراد تكوين حلف ضد أشور ، ولكنه انهزم وقتل في سنة 738 ق.م ، وعاد العرش إلى الملك الشرعي " باناموا الثاني " الذي سجل ابنه " بار - ركوب " هذه الأحداث . وفي سنة 732 ق.م أصبحت دمشق ولاية خاضعة لأشور ، وعندما حاولت التمرد هزمها سرجون الثاني ( 721 - 705 ق.م ) هزيمة نكراء .
ظلت مملكتا إسرائيل وأرام على أقوى الصلات في الخير والشر ، ولكن قوة أشور التي ظلت أكثر من نصف قرن مصدر خطر عل استقلال سوريا ، استطاعت أخيراً أن تقضي على المملكتين ، وفي ذلك الوقت كان الأراميون قد أحرزوا نصراً كبيراً في مجال الثقافة ، فقد أصبحت اللغة الأرامية واسعة الانتشار في كل بلاد الهلال الخصيب ، كما استخدم بعض ملوك أشور كتبة من الأراميين . وفي أثناء حصار سنحاريب لأورشليم ( حوالي 701 ق.م ) كانت اللغة الأرامية هي وسيلة التفاهم . وقد وجدت كتابات أرامية كثيرة من ذلك العهد في كثير من الأماكن .
وقد وجدت وثائق أرامية كثيرة في جزيرة فيلة في مصر ، حيث ازدهرت احدى المستعمرات اليهودية في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد ، ومنذ بداية القرن الرابع استخدم بعض العرب اللغة الأرامية ، ومنها اشتقت النبطية التي استخدمت في " بترا " ، وظلت الأرامية منتشرة وواسعة الاستعمال في كل بلاد الشرق الأوسط في العصور الرومانية .
4- اهميتهم : كان الأراميون أصلاً - سواء كتجار أو فلاحين أو رعاة أو جنود أو عصابات - جماعات من البدو ، ولم يضيفوا شيئاً ذا قيمة لحضارة الشرق الأوسط فيما عدا لغتهم . ويبدو من نقوشهم وكتاباتهم أنهم عبدوا الآلهة السومرية الأكادية وكذلك الآلهة الكنعانية مثل هدد إيل وسين وعناة … الخ وواضح أنه كان يعوزهم روح الابتكار في مجال الفنون ، فاكتفوا بتقليد البلاد التي استقروا فيها ، وقد استخدم ملوك أرام النحاتين ونقاشي العاج الفينيقيين . وقد كشفت الحفريات الأثرية في " تل حلف عوزانا " عن قصر حاكم أرامي يحتمل أنه عاش في بداية القرن التاسع قبل الميلاد ، وكان القصر مزدانا بنقوش أقل في قيمتها الفنية من التماثيل المعاصرة لها في سوريا الشمالية ، وبتماثيل كئيبة المنظر ، يظهر بالفحص أنها متأثرة بخليط من فنون ما بين النهرين والحثيين والحوريين ، كما ينتظر في مثل تلك المنطقة التي امتزجت فيها ثلاث ثقافات . وكان بالقصر بهو للأعمدة ، وكان يحرس المدخل تمثالان لأسدين ضخمين ، وعدة تماثيل لأبي الهول . كما وجد في "تل حلف " مجموعة من الصور البارزة . لقد كان الفن الأرامي - قبل العصر الهيليني - فنا ساذجاً ، ومع أنه كان له بعض المميزات الخاصة ، إلا أنه يمكن أن يقال بوجه عام ، أنه كان تقليداً لفنون أسيا الصغرى وما بين النهرين ، ويمكن تمييز الفن الأرامي برسمه الوجه البشري حليق اللحية دون الشارب .
وأهم ماقدمه الأراميون للشرق الأوسط ، هو اللغة الأرامية التي مازال لها أثرها حتى الوقت الحاضر .
وللأراميين أهمية عظيمة فيما يتعلق بالكتاب المقدس وبخاصة بصلة الآباء بأرام ، فقد ذكر عن ابراهيم إنه كان " أراميا تائهاً " ( تث 26 : 5 ) لأنه خرج من حاران إلى كنعان ، كما كانت لمملكة إسرائيل في الشمال صلات قوية مع أرام دمشق .
الأرامية - اللغة :
اللغة الأرامية أو السريانية هي احدى اللغات السامية ، وهي أقرب ماتكون للعبرية والفينيقية ، ولكنها تنفرد ببعض الخواص ، كما أنها مازالت حية في لهجات مختلفة . ولعل موطن اللغة الأرامية الأصل كان بلاد ما بين النهرين ( أرام ) ولكنها انتشرت شمالاً وغرباً ، وأصبحت اللغة الرئيسية في أقطار كثيرة واسعة . وبعد الرجوع من السبي ، حلت الأرامية محل اللغة العبرية كلغة لليهود في فلسطين ، وتعرف الأرامية في شكلها الشرقي بالسريانية ، وما جاء بها في العهد القديم كان يسمى خطأ بالكلدانية . وسنتناول هنا علاقة الأرامية بالعهد القديم .
1- العبارات الأرامية الأولي في الكتاب المقدس : إذا تجاوزنا عن الكلمتين الواردتين في ( تك 31 : 47 ) ، نجد أن أول إشارة إلى اللغة الأرامية في الكتاب المقدس هي طلب نواب حزقيـــا من ربشاقي قائلين : " كلم عبيدك بالأرامي " ( 2 مل 18 : 26 ، إش 36 : 11 ) . وتؤكد القصة التي اقتبسنا منها هذا القول - حتى وإن كانت حدثاً فريداً - أن اللغة الأرامية أوالسريانية كانت مختلفة تماماً عن " اللغة اليهودية " حتى إنها لم تكن مفهومة عند سكان أورشليم ، كما يتضح أيضاً أنها كانت اللغــــــــــــــــــــة المستخدمـــة في " الدبلوماسية " الأشورية . ونتقابل مرة أخرى مع اللغة الأرامية في سفر إرميا ( 10 : 11 ) وهو عدد واحد فريد ، يبدو أنه كان جواباً وضع على لسان اليهود للرد على أي محاولة لإغرائهم بعبادة الأصنام . وإذا أخذنا بالتاريخ التقليدي لسفر دانيال ، فإن الأصحاحات الستة التي تكون الجزء الأكبر من السفر ( دانيال 2 : 4 - 7 : 28 ) هي أهم ماورد بعد ذلك بالأرامية في الكتاب المقدس . كما توجد أجزاء أخرى بالأراميـــــــــــــــــة في عزرا ( 4 : 8 - 6 : 18 ، 7 : 12 - 26 ) وهي نحو ثلاثة أصحاحات تقريباً . كما نجد في العهد الجديد بعض الكلمات والعبارات الأرامية بعد تحويرها إلى اليونانية .
2- كتابات أخرى من الأرامية : كانت معرفتنا باللغة الأرامية ، من قبل الترجوم والبشيطة ، قاصرة على ما ذكرناه سابقاً من الكتاب المقدس ، أما الآن فإن الاكتشافات الحديثة جعلتنا في موقف مختلف ، ففي السنوات الأخيرة من القرن الماضي ، تم اكتشاف مخطوطات عديدة في " سنجيرلي " ( Sinjirli ) بالقرب من حلب ، يرجع تاريخها إلى حكم تغلث فلاسر والملوك السرجونيين ، بل يبدو أن إحدى المخطوطات ترجع إلى ماقبل ذلك . ثم اكتشفت برديات أسوان التي يرجع تاريخها إلى زمن معاصر لعزرا ونحميا . وأسبق من هذه الكتابات من ناحية تاريخ اكتشافها ، ولكنها تتوسطها من ناحية زمن كتابتها ، موازين رسمية من أيام سرجون ، عليها عبارتان بالخط المسمارى ، احداهما لاتذكر الوزن فحسب ، بل تعطينا اسم الملك وألقابه ، أما الأخرى ، وهي شعبية ومكتوبة بالأرامية ، فتذكر الوزن فقط . والحقيقة " المثيرة للدهشة " هي أنه من جهة الوثائق والعقود ، فبينما نجد أغلفتها في الخارج - في أغلب الأحيان - مكتوبة بالآرامية على الطين ، إلا أن الوثائق نفسها مكتوبة بالأشورية بالخط المسمارى ، وفي ذلك الدليل القاطع على أنه في الأحداث التي جرت قبل حكم تغلث فلاسر ، كانت اللغة الأرامية هي اللغة المستخدمة في التجارة والسياسة في جنوبي غربي أسيا .
3- طريقة كتابة الأرامية : بدراسة الأرامية ، نجدها لغة كاملة الشكل في أبجديتها ، وقد وصلت إلى مرحلة أكثر تقدماً في تطورها عن الأشورية بطريقة كتابتها المسمارية البطيئـــة ، فحتى النهاية ظلت الأشورية تستخدم الرموز والصور ( كالهيروغليفية ) في التعبير عن الكلمات . ونفس مجموعة الرموز كانت تمثل أصواتاً مختلفة تماماً حسب الظروف المختلفة ، كما أن نفس الأصوات تعطي معاني مختلفة حسب مقتضى الحال . أما الأبجدية الأرامية فقد وجدت منقوشة على حجر موآب .
وتقف الأرامية - ولاشك - في نهاية شوط طويل من التطورات ، ولعل الكتابــــــة التصويرية ( الهيروغليفية ) كانت من ورائها ، سواء نقلاً عن الحثيين حسب رأي كوندر ( Conder ) أو عن مصر حسب رأي روجية ( Rouge ) أو من أشور حسب رأي ديلتزج ( Delitzsch ) أو عن أصل خاص بها حسب رأي جزنيوس . فلا يمكن القطع في هذا .
والأرامية لغة سامية شمالية كالعبرية والأشورية ، فهي تحتل مركزاً بارزاً بينهما ، فهي أكثر انتظاماً منهما في شكلها وتركيبها ، ولعل هذا يرجع إلى استخدامها كلغة دولية على نطاق واسع ، فقد كانت هي اللغة الرسمية في الامبراطورية الفارسية المترامية الأطراف ، كما كانت - إلى حد ما - لغة الامبراطورية الأشورية قبل ذلك . ويمكن اعتبار أنها كانت لغة مفهومة فيما بين أسيا الصغرى شمالاً إلى شلالات النيل جنوباً ، ومن جبال ميديا شرقاً إلى البحر المتوسط غرباً ، فتاريخها طويل ، وقد تحدث بها الكثيرون ، كما هو واضح من المخطوطات من قبل زمن تغلث فلاسر ، ومازال سكان ضفاف الفرات والدجلة يتكلمون بها إلى اليوم .
4- اللهجات الأرامية : ومما لاشك فيه أن ترامي رقعة البلاد التي انتشرت فيها الأرامية ، على مدى قرون طويلة ، أدى إلى وجود لهجات مختلفة . ولأن وسائل الأتصال كانت قليلة وغير مجدية لاتساع البلاد شرقاً وغرباً ، فبمقارنتها بما هي عليه الآن ، كانت تستغرق وقتاً أطول مما يستغرقه السفر بين أمريكا وأوربا ، أو بين نيويورك والبرازيل ، وكان الفارق الأول بين اللهجات هو ما بين الأرامية الشرقية ( السريانية ) والأرامية الغربيـــــــــــــــــــــــــة ( الكلدانية ) . وأهم الاختلافات كان في صيغة الماضي الناقص . وكان يتفرع من كل لهجة ، لهجات فرعية ، ففي الأرامية الشرقية كانت هناك " المندعية " التي كانت تستخدم القياس الصوتي عوضاً عن الحروف المتحركة , ويبدو من المخطوطات البردية وغيرها من النقوش ، أن العلامات المميزة للأرامية الشرقية ، هي تغييرات حديثة دخلت إليها بمرور الزمن ، ففيها نجد الخط بالحروف المتصلة أو المترابطة أكثر مما في الأرامية الغربية التي احتفظت بالشكل المربع للحروف كالعبرية ، ما عدا اللهجة السامرية التي كانت تستخدم طريقة قديمة في الخط أكثر احتفاظاً بالحروف ذات الزوايا الموجودة في النقوش القديمة . وبرديات أسوان تدل علي وجود اتجاه نحو كتابة الحروف بالطريقة المربعة التي شاعت فيما بعد .
5- الخواص النحوية للأرامية : ومع أن المجال هنا لا يتسع للكلام بالتفصيل عن قواعد اللغة الأرامية ، إلا أنه لامانع من ذكر بعض القواعد الفريدة الهامة التي تشترك فيها كل فروع اللغة والتي تميز الأرامية عن العبرية وأغلب اللغات السامية المعروفة لنا . فأول ما يشد انتباه الدارس هو استعمال ضمير الإشارة " ذي " ( Zi ) أو " دي " ( di ) كما لو كان حرف جر يفيد " الإضافة " ، وغير ذلك من الاختلافات . وأحد الخواص المميزة للغة الأرامية في عصورها المتأخرة - كما في الترجمة البسيطة للعهد الجديد - هي المرونة التي قبلت بها وتبنت لكمات وعبارات من اللغة اليونانية التي حلت محلها إلى أمد بعيد ، كما أن السريانية الجديدة تبدي نفس المرونة بالنسبة للغتين العربيــة والفارسية .
6- مقارنة بين أرامية " سنجيرلي " وأرامية الكتاب : من أهم القضايا أمام دارسي الكتاب المقدس ، قضية العلاقة بين اللغة الأرامية التي استخدمها دانيال وعزرا ومخطوطات سنجيرلي وبرديات أسوان التي تكاد تكون معاصرة لها . ولكي تصبح المقارنة ممكنة ، لا بد أن ندرك أن عبرية العهد القديم هي محصلة نسخ هذه الأسفار على مدى يتراوح بين ألف وخمسمائة وألف ومائتين من الأعوام ، وهذا يعني وجود عشرات من النسخ تختلف كل منها بعض الشيئ عن الأصل الذي نقلت عنه ، ورغم أن التغييرات التي حدثت في كل مرة ، قد تكون قليلة ولا أهمية لها ، إلا أنها بتجمعها على توالي العصور ، قد تصبح ذات أهمية بالغة ، فعبرية سفر الجامعة المنسوب إلى سليمان الحكيم ، تبين بوضوح أن فكرة تأريخ الأسلوب ، لم تكن واردة على الاطلاق في أذهان كتبة تلك الأيام ، لاكتشاف تلك النزعة للتحديث ، ولهذا فإن وجود السمات اللغوية المتأخرة ، لا يعتبر إلا دليلاً على عدم توفيق النساخ ، أما الأنماط القديمة في القواعد اللغوية وأساليب الهجاء ، فهي دليل لا جدال فيه على التاريخ القديم لها .
وتنقسم النقوش السنجيرلية إلى ثلاثة أقسام - مع غض النظر على ما لاأهمية له منها - وهي : نقوش " بنامو " ( Panammu ) ونقوش " هدد " ( Hadad ) و نقوش " باركاب " ( Barrekab ) ويرجع أولها وثالثها الى عصر رتغلث فلاسر . أما ثانيها فيرجع به " ساكو " إلى القرن السابق لذلك . ويجب هنا أن نذكر أنه عندما اكتشفت هذه النقوش لأول مرة ، ثار حولها الجدل فيما إذا كانت تنتمي إلى العبرية أكثر منها إلى الأرامية ، فالتشابه الشديد بينها وبين العبرية - في كثير من الوجوه - تشابه وثيق … وهكذا نجد أن النقوش السنجيرلية ترجع إلى تلك الحقبة التي لم تكن فيها العبرية والأرامية قد تميزتا كلغتين منفصلتين . وهناك وجوه أخرى من وجوه التشابه ، فالكلمات تكاد تكون متماثلة ، كما تتشابه الضمائر أيضاً مع العبرية وأرامية الكتاب المقدس ، ومن الاختلافات الملحوظة في الأرامية المتأخرة ، استخدام الذال عوضاً عن الدال في ضمير الإشارة .
7- مقارنة بين أرامية أسوان وأرامية دانيال : ترجع أرامية برديات أسوان إلى وقت معاصر تقريباً لأرامية سفر دانيال . ويرجع تاريخ هذه البرديات - على وجه اليقين - إلى الفترة من 471 - 411 ق.م. ويضم هذان التاريخان فيما بينهما ، كل فترة حكم الملك أرتحشستا الأول - وهو الملك الذي كان نحميا ساقياً له ، وقد عينه والياً على أورشليم - كما تضم أيضاً بضع سنوات من حكم من سبقه ومن خلفه على عرش فارس . ولأن هذه الوثائق قد كتبت بقلم من الغاب على أوراق البردي ، ولم تنحت بالإزميل على الحجر ، نجدها تصور نوعاً مختلفاً تماماً من الحروف ، وتقترب - كما سبق القول - من الشكل المربع الذي شاع في مرحلة تالية . والتشابه في القواعد والحروف بين هذه البرديات وبين الأراميه الكتابية أوضح مما بين الأرامية الكتابية ونقوش سنجيرلي ، فبينما نجد في الأرامية القديمة " الذال " في اسم الإشارة ، نجد في هذه البرديات - في الغالب - حرف " الدال " وهو نوع من التحريف في نطق الحروف .
وقد ترجع هذه الاختلافات إلى كثرة نقلها من مخطوطة إلى أخرى ومحاولة الهجاء حسب النطق . وليس هنا مجال البحث في كل وجوه الشبه أو وجوه الاختلاف .
8- برديات جزيرة فيلة : ثمة علاقة أخرى هامة بين أرامية تلك الفترة وأرامية سفر دانيال ، تظهر في برديات جزيرة فيلة . وقد اكتشفت هذه البرديات في جزيرة فيلة أمام أسوان في 1907 م ، وهي ثلاث برديات يرجع تاريخها إلى السنة الرابعة عشرة من حكم داريوس الثاني ( 407 ق.م ) . وفي هذه البرديات نجد أن الله يسمى " إله السماء " وهو نفس اللقب المستخدم في سفر دانيال ، كما أنه نفس اللقب في الأرامية في سفر عزرا ( 5 : 11 و 12 ، 6 : 9 ) . ويبدو من ذلك أنه في أيام حكم البابليين والفرس كان هذا اللقب هو اللقب الذي يعرف به إله العبرانيين للدلالة على سيادته الشاملة .
9- مقارنتها بأرامية الترجوم أو ترجمات العهد القديم للأرامية : كثيراً ما يقولون إن أرامية دانيال وعزرا هي نفسها أرامية الترجوم ( الترجمات ) ، ولكن هذا القول يحتاج إلى بحث ، إذ لا بد أن نأخذ في الاعتبار تاريخ إعادة صياغة النصوص ، حتى يمكننا تقييم هذا التشابه تقييماً صحيحاً ، إن كان ثمة تشابه . وبناء على التقليد التلمودي ، كان الترجوم ( أي ترجمة العهد القديم ) تتم شفاها ولم تسجل إلا في القرن الثانـــي الميلادي ، وكانت الترجمة تنتقل من مترجم إلى آخر ، وبهذه الطريقة ثم الاحتفاظ بصيغ وكلمات ومصطلحات قديمة ، حيث أن الاتجاه العام - في الأمور المقدسة - هو الاحتفاظ بالقديم ، كما نرى ذلك في كثير من طقوس الكنائس التقليدية ، إذ أنها تحتفظ بكثير من الألفاظ والعبارات التي عفا عليها الزمن ، ولهذا فأرامية الترجوم قد تقدم لنا شكلاً من أشكال اللغة تعود إلى قرون قبل الميلاد ، وليس هنا المجال لإعطاء ملخص واف للاختلافات الرئيسية بين أرمية الكتاب وأرامية الترجوم .[/color]
الصخرة- المدير العام
- عدد المساهمات : 429
نقاط : 1425
تاريخ التسجيل : 15/04/2013
مواضيع مماثلة
» ما هو الكتاب المقدس؟
» الكتاب المقدس
» طرق دراسة الكتاب المقدس
» الدرس الأول أساسيات مسيحية الكتاب المقدس (1)
» معلومات ثمينة وجميلة جداً عن الكتاب المقدس
» الكتاب المقدس
» طرق دراسة الكتاب المقدس
» الدرس الأول أساسيات مسيحية الكتاب المقدس (1)
» معلومات ثمينة وجميلة جداً عن الكتاب المقدس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى